إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
37198 مشاهدة
بيان الوسوسة في الإيمان وما يقول من وجدها

قال رحمه الله: باب .. بالإيمان والاستعاذة بالله من وسوسة الشيطان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الناس يسألونك عن العلم، حتى يقولوا: هذا الله خلقنا فمن خلق الله؟ قال -وهو آخذ بيد رجل- فقال: صدق الله ورسوله، قد سألني اثنان وهذا الثالث. أو قال: سألني واحد وهذا الثاني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزالون يسألونك يا أبا هريرة حتى يقولوا: هذا الله، فمن خلق الله؟ قال: فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا: يا أبا هريرة هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ قال: فأخذ حصى بكفه فرماهم به ثم قال: قوموا قوموا، صدق خليلي صلى الله عليه وسلم.‏


هذا يسمى الوسوسة، يعني إما أن الشيطان يوسوس لهم، وإما أنهم يوسوسون للناس ويشككونهم.
نقول: إن الله تعالى هو خالق الخلق، يعتقد المسلمون أنه سبحانه هو الأول ليس قبله شيء، وأنه لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وأنه لم يسبق بعدم، وأنه هو الخالق لكل شيء، لم يكن قبله شيء، ولم يحتج إلى شيء، فلا يجوز أن يقال: من خلق الخالق؟ الله تعالى هو الخالق لكل شيء كما أخبر عن نفسه.
فإذا جاء الشيطان إلى أحد ووسوس إليه وقال: من خلق ربك؟ فليستعذ بالله وليقل: أعوذ بالله فإن الله هو الخالق وحده. وهو الأول وليس قبله شيء، وهو القديم الذي ليس لوجوده بداية، وليس له نهاية، ولم يسبق بعدم.
وكذلك صفاته قديمة، وكذلك كلامه لا بداية له ولا نهاية، والدليل أن الله تعالى أخبر عن كلامه بقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ يقول ابن القيم وكيف تنفد كلمات الله وهي ليس لها بداية ولا نهاية، والبحار لها بداية ونهاية؟ يقول: لو جعلت أشجار الدنيا من أولها إلى آخرها كلها أقلام، وجعلت البحار ومعها سبعة أمثالها كلها حبر ومداد، فكتب بتلك البحار وكتب بتلك الأقلام لتكسرت الأقلام، ولفنيت البحار قبل أن يفنى كلام الله.
ذلك لا شك دليل على أنه ليس له نهاية، وليس له بداية، فلذلك يدفع الإنسان الوسوسة التي تخطر بباله، ويستعيذ بالله ويقول: آمنت بالله، آمنت بأن الله تعالى هو الخالق، وأنه هو الذي أوجد جميع هذه المخلوقات، وأنه لم يكن له خالق ولم يسبق بعدم، فإذا سأل أحد عن مثل ذلك يصده ويأمره بالاستعاذة بالله من الشيطان.